Admin عضو نشيط
عدد المساهمات : 80 نقاط : 733 تاريخ التسجيل : 06/03/2010 العمر : 35 الموقع : rawafid.yoo7.com
| موضوع: الجاهلية و الأدب الجاهلي الجمعة مارس 12, 2010 10:17 am | |
| قبل الشروع في دراسة الأدب الجاهلي لابد من كلمة في تعريف الجاهلية ، و تعريف أدبها عموما ، و ما وصل إلينا منه ، و كيف كان وصوله ، ثم في صحة ذلك الأدب و تأثير البيئة فيه .
الجاهلية :
ذهب العلماء و المؤرخون مذاهب مختلفة ، في سبب إطلاق القرآن الكريم اسم ( الجاهلية ) على أحول العرب قبل الإسلام ، فقد قيل أنها سميت كذلك لتفشي الوثنية و الجهل في العرب ، و قيل به لانتشار العداوات و سفك الدماء . و مهما يكن من شأن العرب في تلك الأيام فالذي يهمنا هو الأدب في عوامله و مظاهره .
الأدب الجاهلي :
قلما انصرف العرب في الجاهلية إلى إتقان الفنون و الخوض في ميادينها ، فقد وجهوا أهمهم خصوصا إلى فن القول و النثر عن أحاسيسهم ، و هذا الفن هو من أقوى الطرق إغراء و إقناعا و من أعظمها خطرا . إلا أن هذا الأدب قد غابت أوائله في مجاهل التاريج فلم نعرف منه إلا ما كان من أواخر القرن الخامس للميلاد و النصف الأول من القرن السادس ، أي ما سبق ظهور الإسلام بنحو قرن و نصف قرن .
ما وصلنا منه :
ضاع أكثر الشعر و النثر الجاهليين حتى قال أبو عمرو ابن العلا : ( ما انتهى إليكم ما قالته العرب إلا قلة ، و لو جاءكم وافرا لجاءكم علم و شعر كثير ) . و السبب في ذلك أن قسما من ذلك لم يحفظ ، و قسما آخر زال مع الرواة الكثيرين الذين ماتوا في حروب الفتح . و أقدم شعر وصل إلينا كان ما قيل في حرب البسوس أو قبل ذلك قليلا , و كان قصائد كاملة تدل على محاولات كثيرة سبقتها و هيأت طريقها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من استقامة الوزن و الغة و البيان ، و أما النثر فقد وصل إلينا منه بعض الأمثال و الخطب و الأخبار .
كيف وصل إلينا :
وصل إلينا الأدب الجاهلي على ألسنة الرواة و هم أناس كان همهم أن يصغوا لأقوال الأدباء و أن يحفظوا منثورهم و سعرهم ، و قد اشتهر جماعة من قريش برواية الشعر و معرفة الأنساب ، كخمرة بن نوفل ، و حويطب بن عبد العزي و غيرهم . و ما أن جاء الإسلام حتى اهتم طائفة من رجال العلم برواية الشعر أيضا ، كحماد الراوية ، و خلف الأحمر و أبي عمرو إسحق بم مرار الشيباني ، و الأصمعي عبد الملك بن قريب ، و أبي سعد الحسن السكري و أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري . و قد اهتم العلماء ، و لاسيما علماء اللغة ، بجمع الشعر القديم لأنه أقدم وثيقة للغة العربية و أتم مصدر لفهم غريبها ، و أوفى موسوعة لأحوال العرب الأقدمين و أخبارهم ، و لغته لغة قوم لم تفسد ألسنتهم ، و أخذ اولئك العلماء / منذ أوائل القرن الثاني للهجرة ، يدونون الأدب القديم و يعلقون عليه و يوردون منه في كتبهم . ــ المعلقات السبع ، و هي من جمع حمادة الراوية على الأغلب . ــ المفضليات ، جمعها المفضل الضبي و تحتوي نحوا من 128 قصيدة . ــ ديوان الحماسة لأبي تمام ، و ديوان الحماسة للبحتري ، و فيها مقطوعات كثيرة من الشعر الجاهلي . ــ كتاب الأغاني ، لأبي الفرج الإصفهاني ، و كتاب الشعر و الشعراء لإبن قتيبة ، و فيهما شعر كثر للجاهليين . ــ مختارات ابن الشجري ، و جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي .
صحته : مما لا شك فيه أن انتقال الأدب القديم على الألسنة قد أضر بصحته فزاد و بدل ، و عبث بعض الرواة بذلك الأدب ، إلا أنهم سعوا أحيانا في اقتناص الروايات من أصدق مصادرها فيمموا البادية و استمعوا إلى أهلها و أطمعوهم بالمال ليجمعوا ما تناقله هءلاء في البادية من أدب الأقدمين ، فتقاطر البدو على المدن يعرضون بضاعتهم لمن يريدها ، و ينقلون الصحيح و غير الصحيح طمعا بالمال فازدادت البلبلة . أضف إلى ذلك أن الخصومات و المنازعات بين القبائل ، و بين العرب و الشعوبية ، في القرون الأولى للإسلام ، هاجت القرائح فراحت كل قبيلة تجمع مفاخرها ، و كل فئة تنطق ألسنة شعرائها الأقدمين ، و أنشأ الفرس ينطقون عرب الجاهلية بمفاخرهم ، و العرب و المسلمون ينطقونهم بما يخالف ذلك ، فدس في الأدب القديم شعر كثير ، و جاء في أكثره مضطربا يشهد على أصله . و قد أهاب ذلك ببعض المستشرقين كالدكتور مرغليوث و بعض النقاد العرب و لا سيما الدكتور طه حسين ، لتمحيص الروايات و التوصل إلى الحقيقة بالشك و البحث ، بل تمادى البعض ، و لاسيما الدكتور طه حسين ، في حكمهم ، حتى جعلوا للشك ميدانا واسها ، و اعتمدوه اعتمادا تجاوزوا فيه الحدود التي يصبح الشك من بعدها طريقا إلى الخطأ ، فأنكروا وجود بعض الشعراء الجاهليين بعد أن أنكروا صحة شعرهم ، و كانت حجتهم في ذلك ملخصة في ما يلي :
ــ الشعر المنسوب إلى الجاهلية وصلنا بلغة عدنان و بلهجة قريش ، و لغة عدنان كانت تختلف في أشياء كثيرة عن لغة حمير ، و الشعراء كلهم تقريبا كانوا من غير قريش و كثيرون من اليمن .
ــ المنافسات السياسية و المنزعات الحزبية في صدر الإسلام ، حملتا الكثيرون من شعراء الإسلام على انتحال الشعر و نسبته إلى أجدادهم في الجاهلية ليفاخروابأيامهم و سيادتهم
ــ المبادئ الدينية دفعت شعراء الإسلام إلى إسقاط ما يخالف تعاليم القرآن و دس الوعود بالبعثة النبوية اثباتا لصدق لرسالته .
ــ القصاصون اختلقوا الشعر و نسبوه إلى أبطال رواياتهم .
المنافسات بين العلماء و الرواة في حفظ الأشعار و تخريج ما أشكل من القواعد دعتهم إلى وضع الشعر و نحله الأقدمين للإستشهاد به ، و إقامة الحجة عليه .
ــ الأساطير المختلفة و الروايات المتناقضة المحيطة بحياة بعض شعراء الجاهلية مثل امرئ القيس و غيره تدعو إلى الشك في وجودهم .
تفيد هذه الحجج :
لا تخلو تلك الحجج من بعض الصحة ، و لكن فيها غلوا كثيرا و تعميما لا يقوم على براهين قوية ، فقد يمكن تطبيقها على بعض الشعر الجاهلي لا على قصائد كاملة أو على شعر شاعر بأجمعه .
ــ ان اللغة التي كتبت فيها الأدب الجاهلي هي اللغة المثالية الموحدة التي غلبت عليها لهجة قريش ، و التي كانت شائعة اذ ذاك في جميع القبائل ، و كانت تقيم خاصة في وسط الجزيرة و شمالها ، و قد سبق الكلام عليها . و من ثم فلا داعي للشك في صحة الأدب الجاهلي ، إذا رأينا شعراء ينتسبون إلى قبائل يمنية كامرئ القيس ينظمون الشعر في تلك اللغة .
ــ لم يكن الشعر الجاهلي كله للفخر و التباهي ، بل كان قسم كبير منه في أغراض أخرى ، و قد هجا بعض الشعراء قومهم كما فعل الشنفري و طرفة و غرهما .
ــ أما الدين و تأثيره فذلك أمر ضئيل ، و الشعر العائد إلى البعثة النبوية لا يتعدى بعض الأبيات المتفرقة هنا و هناك ، مما لا يقوم عليه برهان .
ــ تنبه الأدباء العرب الأقدمون إلى ما انتحله الرواة فأشاروا إليه و اهتموا لإصلاحه فإذا ما وصلنا من ذلك الأدب على جانب كبير من صحة أصله .
ــ زد على ذلك كله أن اختلاف الرواة في ما يتعلق برجل مشهور لا يمكن أن يدل على عدم وجود بل بالأحرى على وجوده .
ــ ان النقد العلمي الفني تناول الأدب الجاهلي و أثبت أكثره بوسائل منطقية صحيحة درست بها الشخصية الأدبية و تكوينها على ضوء النشوء و التطور . فلا يمكن أن يولد هذا الأدب دفعة واحدة ، كما أن الإصطناع لا يمكن أن يخلق أدبا تختلج فيه شخصيات جذابة حية . و إلى ذلك كله فإن الصانع لا يتحمل أن ينسب الجميل إلى سواه و يترك نفسه عارية من كل جمال .
نرعة الأدب الجاهلي ــ تأثير على البيئة ــ :
كان البدوي غائصا في بيئته الصحراوية ، و هي تملأ قلبه و نفسة و كيانه ، و توجه تفكيره و عاطفته و خياله ، كما توجه تمرة تلك القوى أعني بها الأدب ، فقد كانت طبيعة بلاده رهيبة جميلة تتجلى له دون حجاب ، فيراها سافرة بكل ما فيها من قوة و حرارة ، و يعيش أبدا معها ، حتى أضعفت عقله الباطن ، و جعلت أفكاره ظاهرة جلية ، و وجهت نفسه نحو اليقين ، و لهذا صفت الفكرة في أدبه ، و أوجز اللفظ ، و ابتعد خياله عن الإنفالات الفسيح فكان عقله واقعيا ، يتحدث عن الطبيعة كما هي بصدق و إخلاص ، و يصورها تصويرا دقيقا ، كل ذلك بمنطق بسيط و خيال قريب و فلسفة سطحية . فكل ما أمامه لا يحتاج إلى تأمل ، أو شك أو حدس .
و قد اورثت البدوي مواجهة الطبيعة في كل آن ــ و هي سريعة التبدل و التلون و لا يؤمن من جانبها ــ حضور البديهة و الذكاء ، كما أورثته الإحساس الدقيق ة الشعور المرهف ، و لهذا كان أدبه أدب البديهة ، ينزع الإيجاز ، بعيدا عن التركيب العلمي و الترتيب المنطقي . و الصحراء ذات النغمة الراتبة المتكررة ، و الموسيقى العابسة القاسية ، بعثت في نفس البدوي شيئا من الإنقياض و الكآبة و الوجد ، فتوحدت نغمة الأدب و تكررت على وتيرة واحدة ضعيفة الحظ من الإبتكار تشكوا بعض انقباض و جمود . و هكذا كان الأدب الجاهلي صورة لبيئة ، و ثمرة من أثمارها . فاللغة نفسها تجد ألفاظها في منتهى السعة و القة إذا كان مدلولها من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية ( الإبل ، الكلأ ، المرعى ...) و تضيق و تغمض إذا لم يكن الأمر كذلك . و الأدب يتسع اتساعا كبيرا لما يتعلق بالبادية ، فصوره و تشابهه من طبيعتها و حياتها ، صادقة دقيقة . | |
|
الشاعر عضو نشيط و فعال
عدد المساهمات : 43 نقاط : 58 تاريخ التسجيل : 10/03/2010 العمر : 45
| موضوع: مشاركة الجمعة مارس 12, 2010 4:32 pm | |
| شكرا لك على الموضوع القيم اللذي يحمل معلومات مهمة جزاك الله عنا خيرا ننتطر منك الجديد تقبل منى أزكى التحيات | |
|
Admin عضو نشيط
عدد المساهمات : 80 نقاط : 733 تاريخ التسجيل : 06/03/2010 العمر : 35 الموقع : rawafid.yoo7.com
| موضوع: رد: الجاهلية و الأدب الجاهلي السبت مارس 13, 2010 4:59 am | |
| - الشاعر كتب:
شكرا لك على الموضوع القيم اللذي يحمل معلومات مهمة جزاك الله عنا خيرا ننتطر منك الجديد تقبل منى أزكى التحيات أشرقت صفحتي بتواجدك و زادت نورا بمرورك البهي لك مني أزكى التحيات | |
|